حسن الظن
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي يسر علينا علمه وأرشدنا لعبادته مخلصين له الدين غير مشركين به وجمعنا في هذا المجمع المبارك واختارنا لتبليغ رسالته ونشر دينه، مقابل هذا علينا باتباع وتطبيق أوامره؛ وذلك بالإتيان بالصلاة على أكمل أحوالها مع كل شرائع الإسلام، والإكثار من الصدقة التي تطفئ الخطيئة والصوم الذي هو جُنّةٌ ووقاية من النار وأهم من ذلك ترك لَذّة النوم لقيام اللّيل والرجاء من رب العزة المغفرةَ وجهاد النّفس وقمعها عن الكلام الذي قد يكون سببا في الدخول إلى النّار والعياذ بالله.
أيها المجمع المبارك، ارتأيت اليوم أن أهدي لكم عقدًا حبّاته تحول الآسن سلسبيلًا، هو طريق من طرق زيادة الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع، وحدًّا لإشاعة الفاحشة وانتشار الرذيلة. وبه يسلم المجتمع من انتهاك حقوق الناس وأعراضهم وخصوصيّاتهم ودليلٌ على سلامة القلب وطهارة النفس وزكاء الروح، إن لم يكن في هذا العقد إلاّ سلامة القلب وراحة البال لكفى!! كيف لا؟؟ وبه يسلم الإنسان من المخاطر الرديئة التي تقلقه وتجلب له كدر البال وتعب النفس والجسد ومن هنا نعرف قيمة هذا العقد الرائع. نعم إنه حسن الظن فلا يظن المتحلى به بالمؤمنين خيرا إلا من كان منهم، تطبيقا وامتثالا لقوله سبحانه وتعالى:{ يَا أيّهَا الّذينَ ءَامَنُواْ اجْتَنبُواْ كَثيرًا منَ الظَّن إنَّ بَعْضَ الظّن إثْمٌ }. والآن دعوني أقص لكم قصة واقعية تتجلى فيه قيمة هذا العقد الثمين.
دخل الطبيب الجراح المستشفى بعد ان تم استدعاؤه لإجراء عملية فورية لأحد المرضى وقبل أن يدخل غرفة العمليات واجهه والد المريض وصرخ في وجهه: لم التّأخر؟ إن حياة ابني في خطر؟ أليس لديك إحساس؟. فابتسم الطبيب ابتسامة فاترة فقال: أرجو ان تهدأ وتدعني اقوم بعملي وكن على ثقة أن ابنك في رعاية الله وحفظه.
فرد الأب: ما أبردك يا أخي! لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ؟ ما أسهل موعظة الآخرين!!
تركه الطبيب ودخل غرفة العمليات، ثم خرج بعد ساعتين على عجل وقال لوالد المريض: لقد نجحت العملية، والحمد لله، وابنك بخير، أعذرني فأنا على موعد آخر، ثم غادر دون أن يحاول سماع أي سؤال من والد المريض ولما خرجت الممرضة سألها الأب: ما بال هذا الطبيب المتعجرف المغرور؟؟!
فقالت: لقد توفي ولده في حادث سيارة، ومع ذلك فقد لبى الإستدعاء عندما سمع بالحالة الحرجة لولدك
وبعد أن أنقذ حياة ابنك كان عليه أن يسرع ليحضُر جنازة ابنه
العبرة : هناك قلوب تتألم ولا تتكلم، فلا تحكم على كل شيء قبل أن تعلم.
أيها المجمع المبارك أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه واسأله جنة الفردوس لنا ولكل المسلمين، أطال الله بقاءكم وأدام الصحة والعافية.
لا يوجد تعليقات