قيمة العلم في مقابل قيمة المعلّم
قيمة العلم في مقابل قيمة المعلّم
بقلم: أ/ حاجي سمية بنت مصطفى
من نعم الله الكثيرة على عباده، نعمة العقل فهو زينة الإنسان التي ميزه بها عن باقي المخلوقات، وجعله في درجات عليا، سخر له هذا الكون الفسيح الدقيق اللامتناهي البديع الصنع من الخالق ليتفكر فيه وينتفع بما فيه من خبايا وأسرار، والسعي لحفظ بقائه، وذلك بإعمال عقله .
وعلى مرّ العصور والأزمنة خلّد الإنسان منجزاته، فسجل معارفه وخبراته ومنجزاته بآثار بقيت شاهدة على تميّزه وتفرّده بميزة العقل، نقلت إلينا جيلا بعد جيل وتوارثتها الأمم والحضارات السابقة، وكل ذلك عن طريق ابتكار النقوش في الكهوف وعلى الأحجار ورقصات ثم إشارات فرموز وحروف ثم كلمات منقوطة ومكتوبة لِتُسهّل تواصله وحياته ، ونفهمها نحن جيل اليوم. ونتيجة لجهود هذا الانسان، الذي فكّر وأعمل عقله وذلّل ما كان في الطبيعة وما حوله، صار عالما ببعض أمور هذا الكون، وعندما علم أدرك قيمة هذا العلم، اقتحم الفضاء إلى القمر ثم اكتشف مدارات وبحث عن عوالم تصلح للحياة في كواكب أخرى بفضل التكنولوجيا التي غزت حياتنا ودخلت في تكويننا الشخصي، وساعدت على تنمية قدرات الأفراد، فصارت كالأكل والشرب تسير جنبا إلى جنب مع عمره.
العلم نور ونعمة ووسيلة ترتقي وتعرج بها الشعوب سلّم وقمم الحضارة والمجد والعظمة، ولا يجعلها تقع في براثن الجهل وظلمات التخلف فلا يسمع بها أحد، فمن المعاني الجليلة لكلمة الحق التي ألقى بها جبريل إلى نبينا الكريم وهي كلمة ’اقرأ’ ، أن نوسّع مداركنا ونسعى لطلب المعرفة ونكون قادرين على حل مشاكل ومعضلات واقعنا، وعلى تحمل مسؤولية أفعالنا ومواجهة صعوبات الحياة، ولا يكون ذلك إلا عن طريق معلّم ماهر ينقل معارفه ويعلّم تلاميذه، ويصقل مواهبهم وقدراتهم، ويعلمهم قيم الجمال والمشاعر والأحاسيس والمثل العليا، ويسعى إلى توجيهها إلى المسار الذي يخدم الأمة والوطن، المعلم صانع التلميذ حامل مشعل العلم وبنّاء مستقبل بلده، فالتلميذ هو خير الخلف لخير السلف، فقد خصّ الله طالب العلم والعلماء درجات عليا وبوأهم مقاما رفيعا في الجنة وفضلهم على العابدين كما فضل القمر على سائر الكواكب وأمر مخلوقاته أن تسبح له لأنه طالب للعلم وحامل لواء ومشعل الحضارة، إنه حصاد المعلم بعد عناء الحرث والزرع والسقي والرعاية، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:’ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله، وما والاه، وعالم أو متعلّم’.
وعليه فلنحرص على زرع حب طلب العلم في نفوس تلاميذنا، وتحبيب الإقبال على التعلم وذلك بتبسيط طريق التعليم وفهم الدروس الصعبة، لتحقيق تقاربات فكرية تتماشى مع متطلبات العصر والإنسان الجديد، فلنتفكر.
لا يوجد تعليقات