من أنت ؟ أيّها الشهيد ؟!!
ارتجفت يميني عند شروعها في خطّ هذه الكلمات التي أضع بها بصمة خير بمناسبة حلول ذكرى يوم الشهيد 18 فيفري ، والتي استُحدثت لتذكّر جيل الاستقلال بتضحيات من سبّل لله وللوطن روحه ، ومن سقى بدمائه أرضه ، ومن جعل عبارة ﴿ الله أكبر﴾ مفتاح وشعار وعنوان كل خطوة يخطوها في سبيل الله: في الوديان والجبال وفي المدن والقرى وحتى في الدّكاكين ، معدّين لهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل ، ارتجاف يميني جعل لساني يتلعثم بالارتباك ... ماذا سيقول يا ترى أكثر مما قاله رب العزّة في كلامه العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ؟ ! حين قال بعد أعوذ بالله من الشيطن الرّجيم :﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)﴾ آل عمران بل هي همسات أبعثها إليهم وقت السّحر لتصل إلى أرواحهم الطّاهرة الحيّة المتنعّمة إلى يوم الدّين. همسات أوحى بها حديث جرى بيني وبين ابني الذي أخذ على عاتقه القيام ببحث يتعلق بمادة التاريخ والتي تتحدث عن نفس الموضوع : ذكرى يوم الشهيد ليشارك به في نشاط ووقفة أقامتها مؤسسته ( متوسطة المنار للذكور -02- ) إحياء للمناسبة ، حين انبهر من معلومة تعلمّها تتحدّث عن الفترة التي استغرقها الاستدمار الفرنسي ليوسّع احتلاله على كافة الأرض الجزائرية والذي تجاوز الثمانين سنة ، بينما استغرق استعمار واحتلال فرنسا من طرف الألمان لم يزد عن الأسبوع ... فقط !! فأجبته قائلا : لأن الاستدمار عند دخوله إلى الجزائر واجهه الرّجال بكل ما في الكلمة من معنى ديني وعقائدي وجسمي ، بينما وجدت ألمانيا أشباه رجال ومخنّثين ونساء في استقبالها عند دخولها إلى فرنسا فقلت له هامسا قاصدا أرواحهم الطّيبة وبكل فخر واعتزاز: مع ما خصّكم الله تعالى من فضله وما أعدّه لكم من أجر ومكانة عنده : - يزيدكم شرفا حين تعلمون أنّكم أذقتم غريمكم الحنظل وجعلتم قتلاه في النار - يزيدكم شرفا حين تعلمون أنكم وبدمائكم زلزلتم العالم بمجلسه ودُوَله وقواته و أسلحته بشهادتكم التي لم يجدوا لها عنوانا ليقارنوها بمتاع الدنيا الزائل المنتفخ بأوهامهم كزبد البحر - يزيدكم شرفا حين تعلمون أن غريمكم أنزل رايته من دول الجوار ليبذل الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على أرضكم الطيبة الطاهرة بدمائكم لكنه لم يجن منها سوى الصّفع والهباء المنثور . - يزيدكم شرفا حين تعلمون أن العالم سمّى أرضكم (بِكُمْ )واصفا إيّاها بأرض المليون ونصف المليون من الشهداء . - يزيدكم شرفا حين تعلمون أن ثورتكم -ثورة النصر- التي أشعلتموها بتكبير الله تعالى قد ألهمت العالمين والكثير من الدّول لِتحدوَ حدوكم وتخطوَ خطوكم وتقطف ثمرة انتصار أوطانها بشعار : إمّا النّصر أو الشّهادة . - يزيدكم شرفا حين تعلمون أنكم بشهادتكم قد علّمتم المستكين إلى الحياة معنى الحياة ، فصدّقتم وأصدقتم قول رسول الله ﷺ عن حقيقة الحياة ، وبأنّها غرس للآخرة ومن قبله قول المولى عزّ وجلّ : ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى -04-﴾ سورة الضّحى - يزيدكم شرفا حين تعلمون أنكم بشهادتكم أرسيتم الدّعائم بدمائكم وهاماتكم وأكتافكم لتُبنى عليها بنيان دولتكم وأنتم أساسها ... أساس مبني على تقوى الله ورسوله حتى لا تبنى ﴿عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ... التوبة (109)﴾ - فلكم نهدي سلامًا طأطأت حروفه خجلا ، وتحيةً تملأها المحبة والافتخار لشهادتكم التي أحيت أوطانا ، والله نسأل أن يتقبل تضحياتكم ودماءكم وأحلامكم ويجزل لكم كل الخير يوم الدّين.
المزيد